2012/04/11

الرسالة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاك الله عنّا كل خير سيّدي حضرة الشيخ سعد الله، وأتمنى أنْ تكون حضرتك والأهل بصحة جيدة إنْ شاء الله. وأنقل لك سلام الأهل جميعًا.

سيّدي الفاضل لقد شاعت الفتنة بين الناس وأصبحت النفوس مريضة. فادعُ الله لنا أنْ يكشف عنّا هذه الغمّة عن أمّة سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم. وما الذي يجب علينا فعلهُ في هذه المحنة؟

أدامك الله لنا حضرة الشيخ وجزاك عنا أفضل الجزاء.

 

الاسم: إنْ قبلتم ابنتكم مروة

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

بارك الله جلّ وعلا فيك على دعواتك المباركة ولك بمثلها، وأرجو أن تبلّغي تحياتي ودعواتي إلى الأهل جميعًا. ويشهد الله عزّ وجلّ أنّي لا أترك الدعاء لعموم المسلمين بل للناس جميعًا بأنْ يجنّبهم ربّنا جلّ جلاله الفتن ما ظهر منها وما بطن.

لقد تركنا سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم على المحجّة البيضاء ليلها كنهارها فقال في الحديث الشريف:-

(قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا، لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ، حَيْثُمَا قِيدَ انْقَادَ) الإمام ابن ماجه رحمه الله جلّ ذكره.

وقال عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام:-

(سَتَكُونُ فِتَنٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنْ السَّاعِي، وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ) الإمام البخاري رحمه الباري سبحانه.

وعن سيدنا الحارث الطائي رضي الله تعالى عنه قال:-

(دخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الأَحَادِيثِ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! أَمَا تَرَى النَّاسَ يَخُوضُونَ فِي الأَحَادِيثِ؟ قَالَ: فَقَالَ: فَقَدْ فَعَلُوهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: أَمَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتَنٌ، قَالَ: قُلْتُ: فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ خَبَرُ مَا قَبْلَكُمْ، وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ) الإمام الترمذي رحمه الله سبحانه.

وهذا هو الواجب علينا فعله في هذه المحنة مع اعتزال الفرق كلها. والتوجّه إلى الله جلّ جلاله في مسارين:-

الأوّل: في تزكية النفس والتقرب إلى الله عزّ وجلّ بالمحافظة على الفرائض والازدياد من النوافل في كل صور العبادة من صلاة وصيام وصدقة وغيرها.

الثاني: محاولة اطفاء نار الفتنة لأنّ الله عزّ شأنه قال:-

{— والْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ —} [سورة البقرة: 191].

ودعوة الناس قدر الاستطاعة للاحتكام إلى كتاب الله جلّ وعلا والحكمة في التصرّف في الأمور كلّها، والالتفاف حول العلماء الربانيين بصدق وإخلاص وأدب وتوقير واحترام، فهم مصابيح الهدى، وهم على آثار خير الأنام صلّى وسلّم عليه وعلى آله وصحبه ذو الجلال والإكرام.

وأرجو مراجعة جواب السؤال المرقم (729) في هذا الموقع الأغرّ.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أهل الفضل والمجد.