24/5/2010
السؤال:
سيدي حضرة الشيخ قدس الله سركم العزيز،
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
وبعد: فأرجو من الله أن ينور طريقنا بنور الهداية المحمدية، وأن يفتح لنا من أبواب رزقته ورحمته، ويرشدنا إلى ما هو خير لنا في الدنيا والآخرة.
شيخي العزيز:
أنا عراقي مسلم وصلت حديثاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية في إحدى الولايات ورأيت هنا موضوع أكل اللحم فيه تساؤلات عديدة، وبودي أن أسأل جنابكم التالي:
هل يجوز للمسلم أن يأكل لحم البقر، الغنم أو لحم الدجاج هنا مع علمه التام أن هذا اللحم غير مذبوح على الطريقة الإسلامية؟ إذا كان مضطراً لذلك فهل يجوز له ذلك وحالة الاضطرار كان لم يتوفر بديل يأكله وقد وصل إلى مرحلة من الجوع لا يطيقها أبداً؟ رأيت أن هناك من المسلمين من يحلل أكل لحم البقر والغنم والدجاج مع علمه التام أنه غير مذبوح على الطريقة الإسلامية وحينما سألتهم قالوا لي أننا حينما نطبخ هذا اللحم فإننا نسمي عليه ثم نضعه للطهي، وهناك من يقول إنني حينما أشتري اللحم الجاهز كان يكون ساندويتشه همبركر فإنه يسمي قبل أن يأكلها وأن ذلك مباح له.
أرجو أن تفتيني سيدي حضرة الشيخ في هذا الموضوع علماً أنني لم آكل أي نوع من أنواع اللحوم هنا غير لحم السمك..
ختاماً أقبل أقدامكم الشريفة وأقبل أياديكم الشريفة وأرجو الله أن يرحمنا برحمته الواسعة ويغفر لنا ذنوبنا.
 
خادمكم أبو راشد
 
 
الـرد:
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته،
أدعو الله العزيز الحكيم أن يخفف عنك مصاعب الغربة، وأن ييسر لك طريق الخير وأن يجنبك كل سوء، وبعد:
إن عدم توفر لحم حلال لا يسمى شرعاً ولا عرفاً (اضطراراً) لأن هناك ما يمكن أن يُعدل إليه من لحوم الأسماك بأنواعها ناهيك عن الطعام النباتي، كل ذلك يحميه من ما وصفته بمرحلة (الجوع الذي لا يطاق).
أما عن موضوع تناول اللحوم في هذه البلاد فإن الله تعالى أحل لنا أكل ذبائح أهل الكتاب بقوله عز وجل {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ…} المائدة 5، سواء سمّوا اسم الله تبارك وتعالى عليها أم لا، لأن التسمية أثناء الذبح ليست شرطاً على الكتابي على أرجح الأقوال، بل يكفي أن تسمي قبل الأكل، فعن أمنّا عائشة رضي الله تعالى عنها قالت (سئل النبي صلى الله عليه وسلم أن أقواماً يأتوننا بلحم ولا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا فقال: سمّوا وكلوا) البخاري رحمه الله تعالى، والمستثنى من هذا هو إذا ما تحقق قتل الحيوان بغير طريقة الذبح مثل الضرب على الرأس أو الصعق بالكهرباء أو الإغراق أو غيرها، وكذلك يستثنى منه ما ذبح لغير الله عز وجل أو ذكر اسم غير الله تعالى كأن يذبح باسم سيدنا عيسى عليه السلام أو أمه السيدة مريم عليها السلام، قال سبحانه وتعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ…} المائدة 3.
 
ولي رجاءان:
الأول: أن تترك كلمة خادمكم في مخاطبتي، فإني عبد فقير أسأل الله تعالى أن يقبلني خادماً لكل مسلم ومسلمة ولكل إنسان يبحث عن الهداية بصدق.
وأما الثاني: فهو لك ولكل مغترب أن تكونوا دعاة لهذا الدين العظيم بحسن تعاملكم وورعكم، وأن تبحثوا عن الحلال بما يتيسر لكم من وسائل، وإشعار من تلقون سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين بأن لكم أحكامكم الخاصة في دينكم، وهذه من أبسط حقوقكم في البلدان التي يقول أهلها أنهم (حماة حقوق الإنسان).
 
هذا والله سبحانه وتعالى أعلم.