2020-04-15

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا الفاضل هل يجوز أنْ أقرأ في الوتر المتصل ثلاث ركعات أو خمس ركعات في تشهّد واحد؟ وأقرأ من سورة البقرة؟ جزاكم الله خيرا.

 

الاسم: سائل

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

أشكر تواصلكم مع هذا الموقع المبارك وبعد:-

قال الحقّ جلّ جلاله وعمّ نواله:-

{وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} [سورة الفجر: 3].

وَعَنْ سيّدنا عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ قَالَ:-

(الوِتْرُ لَيْسَ بِحَتْمٍ كَهَيْئَةِ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، وَلَكِنْ سُنَّةٌ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الإمام الترمذي رحمه الله عزّ وجلّ.

وقد وردت أحاديث شريفة كثيرة في صلاة الوتر وركعاتها، منها:-

قول سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى وسلّم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه:-

(الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِثَلَاثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ) الإمام أبو داود رحمه الغفور الودود جلّ جلاله.

وَقَوْلُ سَيِّدِنَا عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا:-

(إنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ، أَوْ خَمْسٌ، أَوْ سَبْعٌ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، يُوتِرُ بِمَا شَاءَ) الإمام عبد الرزاق الصنعاني رحمه الله جلّ في علاه.

ولهذه الأحاديث الشريفة ومثيلاتها من السنّة المطهّرة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم السلام وآله وصحبه الكرام، تكون صورُ صلاة الوتر كما يلي:-

1ـ أنْ تقتصر على ركعة واحدة بتكبير وركوع وسجود، وتشهدٍ وتسليم. بعد أنْ تصلّي العشاء الآخرة ولا تصلّي قبلها شيئا من صلاة الليل، وهذه أقلّ صورة مجزئة.

2ـ أنْ تصلّي ركعة واحدة في نهاية صلاة الليل، التي هي مَثْنَى مَثْنَى، فتكون صلّيت مثلا ثنتين وواحدة، أو أربعا وواحدة. وهكذا حتى تبلغ عشرا وواحدة.

3ـ وقال السَّادة الشافعية ومَنْ وافقهم رضي الله تعالى عنهم وعنكم:-

إنّها تصلّى ركعتين شفعًا، ثمّ يأتي بواحدة وترًا، يقنت بعد الركوع دائمًا، وقيل: لا يقنت إلّا في النصف الثاني من شهر رمضان.

4- أنْ تصلّي ثلاثا بزيادة سورة وقنوت في الركعة الثالثة. وهذا مذهب السَّادة الأحناف رضي الله تعالى عنهم وعنكم.

أمّا بقيّة المذاهب فعلى الطريقة الثانية وهي:-

5ـ أنْ تصلّي ثلاث ركعات متصلات، أو خمسًا، أو سبعًا، أو تسعًا، أو إحدى عشرة ركعة متصلة، لا تتشهّد إلّا في آخرها تشهّدًا واحدًا، ولكن الأفضل بتشهّدين في الركعة الأخيرة والتي قبلها.

وأكثر الوتر إحدى عشرة ركعة وأقلّه ركعة واحدة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات.

أمّا بخصوص ما يقرأ في صلاة الوتر فاتّفق الفقهاء رضي الله تعالى عنهم وعنكم على أنّه يقرأ في كلّ ركعة من الوتر الفاتحة وسورةً‏.‏ والسّورة عند الجمهور سنّة، لا يعود لها إنْ ركع وتركها‏.‏

عن السيّدة عائشة رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا:-

(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ يَقْرَأُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى: بِـ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وَفِي الثَّانِيَةِ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وَفِي الثَّالِثَةِ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) الإمام الحاكم رحمه الله سبحانه.

وُذُكِرَ أنّه يقرأ في كلّ ركعة من الوتر بفاتحة الكتاب وسورة معها، ولو قرأ فيه بـ {سَبِّح اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} مع الفاتحة ولم يرها حتما بل خصصهما للتبرك والاقتداء بالنبيّ – عَلَيْهِ السَّلَامُ – لا يكره. وفي “التحفة” إنْ فعل ذلك أحيانا كان حسنا. البناية شرح الهداية (2/492) بتصرّف يسير.

وعلى هذا يسنّ للمسلم أنْ يقرأ بالسور التي كان يقرأها سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى وسلّم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه، المذكورة في الرواية أعلاه، ويجوز له أنْ يقرأ ما شاء من السور بين الحين والآخر.

ولمزيد من الفائدة أرجو مراجعة جواب السؤال المرقم (1758) في هذا الموقع المبارك.

والله جلّ جلاله وعمّ نواله أعلم.

وصلِّ اللَّهُمَّ على سيّدنَا محمّد النَّبِي الْأُمِّي الحبيب، العالي الْقدر، الْعَظِيم الجاه، وعَلى آله وَصَحبه وَسلّم تسليما كثيرا.