2015/07/02

السؤال:

بسم الله والصلاة على رسول الله وآله وصحبه ومن ولاه.. وبعد وفقكم الله وحفظكم وأعلى قدركم.. سيّدي الفاضل بما توجهون لمَنْ يعتقد. إنّه عندما يشرّفه الله بالصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبويّ الشريف أو يحيي ليلة القدر إنه قد حاز الأجر الكبير وإنّ صلاته بماءة ألف في الحرم وبألف في المسج النبويّ وإنه حاز أجر ألف شهر في ليلة القدر وعليه فهو يكتفي بهذا وليس هناك داع إلى الصلاة لأنّ هذا يكفي كما يظنّ هو وفقكم الله وجزاكم خيرا.

الاسم: خضير غيدان

الرد:

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

جزاك الله تعالى خيراً على دعواتك المباركة ومشاعرك الطيّبة ولك بمثله.

أمّا بالنسبة إلى سؤالك فقد قال جلَّ ذكره:-

{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران عليهم السلام: 31].

وقوله تبارك اسمه:-

{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الاحزاب 21].

ومن هدايات هذه الآيات الشريفة هي أتباع حضرة خاتم النبيين عليه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم وآله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان من العلماء الربانيين رضي الله تعالى عنهم وعنكم فلم نجد منهم مَنْ ترك فرضاً من الفرائض في سفر أو حضر لأيّ سبب من الأسباب.

وعن السيّدة عائشة رضي الله تعالى عنها:-

(أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْدًا شَكُورًا فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ) الإمام البخاري رحمه الباري سبحانه.

فإنّ العبد حينما يوفّق لمثل تلك النفحات المقترنة بالأمكنة الشريفة والأوقات المباركة فيتوجب عليه الجدّ والاجتهاد في الطاعات شكراً لرب الأرض والسموات لا التقاعس والتكاسل، فالأصل أنْ نتبع السيئات بالحسنات لا العكس، ومهما بلغ العبد من الصلاح فلا يعفى من الفرائض وأهمها الصلاة فنجد أنّ الشرع الشريف لم يأذن لأحد بتركها مهما كان حاله، فمَنْ لم يستطع أنْ يصلي واقفاً صلّى جالساً، ومَنْ لم يستطع أنْ يصلي جالساً صلّى مضطجعاً، ومَنْ لم يستطع أنْ يصلّي مضطجعاً صلّى إيماءً، ومَنْ لم يستطع الوضوء تيمّم، ومَنْ لم يسطع التيمّم صلّى صلاة فاقد الطهورين.

وهنالك فرق بين مضاعفة الأجر وأداء الفرائض، فإنّ الله جلّ في علاه حينما يضاعف الأجر للعبد فلا يعني ذلك أنّه يُعفى من فرضٌ لاحق أو يُقضى عنه فرضٌ سابق.

وإنّ العبد يختم له على آخر أعماله فلا يعلم أنه قد توافيه المنية وهو تارك لأهم الفرائض وهي أول ما يسأل عنه في قبره، قال سيّدنا رسول الله صلى الله تعالى وسلم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه:-

(إِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ) الإمام البخاري رحمه الله عزّ وجلّ.

وصلّى الله تعالى على درّة  الوجود وعلم الشهود مولانا محمد وآله وصحبه أولي الكرم والجود.

والله عزَّ شأنه اعلم.