2012/11/15

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

س/ امرأة امتنعت من أن يقربها زوجها لأنه لا يتعاهد جسمه بالتنظيف، فهو دائما أشعث ثائر شعر الرأس واللحية، وتظهر منه رائحة كريهة من الأوساخ، والزوجة تشمئز من ذلك، فهل يكون امتناعها نشوزا أم لا؟

وجزاكم الله عنّا خير الجزاء.

 

الاسم: خادم المنهج

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

لا شكّ أنّ هذا الزوج مخطيء خطأ كبيرًا، لأنّ الله جلّ في علاه جعل حقوقا وواجبات متبادلة بين الزوجين، فمن حقّ الزوجة على زوجها أنْ يكون نظيفًا بحيث يكون مقبولا لديها.

والنظافة من أصول الشرع الشريف، فالله عزّ وجلّ أمر المسلمين بالاغتسال من الجنابة على وجه الوجوب، وسيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى وسلّم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه استحبّ الاغتسال (وفي بعض الأقوال أوجبه) في بعض المناسبات كالجمعة والعيدين ويقاس عليهما بقيّة المناسبات والاجتماعات.

وقد حثّ الإسلام على النظافة كالاستنجاء والاستياك، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام:-

(إِنَّكُمْ قَادِمُونَ عَلَى إِخْوَانِكُمْ، فَأَصْلِحُوا رِحَالَكُمْ، وَأَصْلِحُوا لِبَاسَكُمْ، حَتَّى تَكُونُوا كَأَنَّكُمْ شَامَةٌ فِي النَّاسِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفُحْشَ، وَلَا التَّفَحُّشَ) الإمام أبو داود رحمه الودود عزّ كماله.

وقوله صلوات ربي وسلامه وآله وصحبه:-

(إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ) متفق عليه.

وعن سيّدنا جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال:-

(أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى رَجُلًا شَعِثًا قَدْ تَفَرَّقَ شَعْرُهُ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ يَجِدُ هَذَا مَا يُسَكِّنُ بِهِ شَعْرَهُ، وَرَأَى رَجُلًا آخَرَ وَعَلْيِهِ ثِيَابٌ وَسِخَةٌ، فَقَالَ: أَمَا كَانَ هَذَا يَجِدُ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ثَوْبَهُ) الإمام أبو داود رحمه الله عزّ وجلّ.

فإنْ كان الإسلام يريد أنْ يُظهر المسلم أمام الناس بالمظهر اللائق فمن باب أولى أنْ يكون مظهره جميلًا، ورائحته مقبولةً أمام زوجته، لأنّ إقبال الزوجين أحدهما على الآخر واستئناسهما ببعضهما من دواعي استمرار الحياة الزوجية وتجانسها، ويحقق أهداف الزواج في السكن والطمأنينة كما قال سبحانه:-

{— وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ —} [سورة النساء: 19].

وقال عزّ كماله:-

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم: 21].

وقال عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام:-

(خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) الإمام الترمذي رحمه الله عزّ شأنه.

ومن حسن المعاشرة أنْ لا يأتي الزوج بما ينفّر زوجته منه.

ومن هنا فقد ذكر بعض الفقهاء رحمهم الله جلّ في علاه أنّ المرأة إذا امتنعت عن زوجها بسبب وسخه وسوء رائحته فلا تعتبر ناشزة.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أهل الفضل والمجد.