2012/05/07
السؤال:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،أسأله تعالى ان لايحرمني من بركة توجيهاتكم ونفحات روحانياتكم وأن ينفع المسلمين من أنوار علومكم، آمين.

سيدي أسال عن معنى قوله تعالى {سيماهم في وجوههم من اثر السجود} سوره الفتح آيه 29. هل هو الأثر الذي يكون باديا في جبهة الانسان بسبب كثرة سجوده؟ أم هو أثر روحي محسوس؟

وجزاكم الله كل خير.
الاسم: مهدي صالح

الرد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بارك الله تعالى فيك على مشاعرك الطيبة ودعواتك المباركة ولك بمثلها.

الـ (سيما) و(السيماء) معناها العلامة، وقد تكون من ناحية اللغة مادية أو معنوية.

والمعنى المادي المذكور في سؤالك لاينسجم مع التعريف الشرعي للوجه وهو من منابت الشعر إلى نهاية الذقن طولاً ومابين شحمتي الأذنين عرضاً، وكذلك فإن المعنى المتوارث عن السلف الصالح رضي الله عنهم وعنكم هو المعنوي ويقصد به المُحيّا والسَّمت الحسن.

وهي ترجمة للهدوء والطمأنينة التي يستشعرها الإنسان حين يرى وجه الطآئع، وقد قال سيدنا عمرين الخطاب رضي الله عنه (ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر فى فلتات لسانه وصفحات وجهه) وقد جاء عن بعض السلف الصالح رضي الله عنهم قولهم (من كثرت صلاته في الليل حسن وجهه في النهار)، وقال سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما (إن للحسنة ضياءً في الوجه ونوراً في القلب وسعة في الرزق وقوة في البدن ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سواداً في الوجه وظلمة في القبر والقلب ووهناً في البدن ونقصاً في الرزق وبغضة في قلوب الخلق). وغالب الإعتقاد أن المقصود في الآية الكريمة هو الوجوه يوم القيامة كما في قوله ربنا عز وجل {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} آل عمران –عليهم السلام- 106،107. وقد جاء في الأثر أن الله تعالى يأمر الملائكة بإخراج من في قلبه مثقال ذرة من إيمان من النار، وقد سئل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِك يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ) الإمام الترمذي رحمه الله تعالى وَفِي رِوَايَةِ الإمام إبن ماجه رحمه الله تعالى (تَرِدُونَ عَلَيَّ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ الْوُضُوءِ سِيمَاءُ أُمَّتِي لَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِهَا).

فبشكل عام نستطيع القول أن المقصود هو الأثر الروحي والمعنوي للعبادة وبما تعكسه من بركات وتأثير في الناس، وقد قال سيدنا المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ) متفق عليه. فمن علامات هذا القبول المذكور في الحديث الشريف هو الوجه والسيما الحسن.

والله سبحانه وتعالى أعلم.