18/8/2011
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
سيدي الفاضل حفظكم الله ورعاكم.
سأذكر لكم هذا النص من كتاب “الأجوبة المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية” للشيخ الشعراني كما في طبعة مكتبة أم القرى بالقاهرة. ومِن ثمَّ سأذكر أسئلتي لكم.
قال الشيخ الشعراني ص419-420 :
“ومما أنكروه أيضاً ما وقع لأحمد بن أبي الحواري حين أمره شيخه أبو سليمان الداراني بدخول التنور وهو يسجر، وذلك لأنه كلم شيخه وهو مشغول القلب، فقال له: إن التنور قد حمي، وأكثر عليه من القول، فقال اذهب وادخل فيه، ثم تذكره الشيخ فقال: اذهبوا فأخرجوا أحمد، فأخرجوه، ولم يحترق منه شيء، فقال المنكر: هذا فعل لا يجوز شرعاً، وليس لأحد امتثال قول من أمر به بوجه من الوجوه.
والجواب: أنه لا ينبغي المبادرة إلى الإنكار، لأن أحمد إنما دخل بعد علمه بقوة يقينه، وظنه في الله تعالى أنه لا يحرقه بالنار إذا امتثل أمر شيخه، وأيضاً فإنه كان ساعياً في الوفاء بعهد شيخه، مجتهداً في ذلك، فأدى اجتهاده إلى وجوب الوفاء بعهده، ولو في أمره له بدخول النار، والوفاء بالعهد محمود في الشرع بالجملة.
وقد قال بعض العارفين: الصادق تحت خفارة صدقه، يعني أنه إذا ارتكب المهالك عن صدق يقين حماه صدقه ويقينه من الهلاك، وانقلب ذلك الهلاك نجاة بإذن الله تعالى.
قال تعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء: 69] . ولعلَّ أحمد بن أبي الحواري كان إبراهيمي المقام والله أعلم” اهـ.
سؤالي: هل نأخذ بجواب الشعراني أم بحديث البخاري في صحيحه في قصة مشابهة في حديث رقم 7145 و 7257 وقول النَّبي صلَّى الله عليه وسلم : (لو دخلوها ما خرجوا منها أبداً، إنما الطاعة في المعروف)؟ وهل يصح قياس فعل ذلك المريد الذي دخل النار باختياره امتثالاً لأمر شيخه على ما حدث لسيدنا إبراهيم عليه السلام؟!
أرجو التوضيح، فإني أسمع من أحد مشايخ الصوفية في بلدي ضرورة أن يسلم مريده له في كل شيء وأن يكون بين يديه كالميت بين يدي غاسله، ويستدل بمثل هذه القصص على ضرورة ذلك، وكقصة ذلك المريد الذي طلب منه شيخه أن يأتيه برأس أبيه فامتثل المريد ما أمره به شيخه.. القصة مذكورة في كتاب الإبريز لسيدي الشيخ عبدالعزيز.
الاسم: أبو عبدالرحمن


الـرد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
طالما ردد المرشدون رضي الله عنهم وعنكم عبر مئات السنين عبارة بليغة هي: (إن طريقتنا هذه مقيدة بالكتاب والسنة)، فالمريد عاهد مرشده على الالتزام بالشريعة الغراء قدر الاستطاعة فكيف يستساغ أن يُأمر بخلاف ما عاهده عليه؟ أما ما ذُكر في بعض الكتب نقلاً عن بعض السلف الصالح رحمهم الله تعالى فما أكثر ما دُسّ في كتبهم على مرّ السنين لغرض في النفوس المريضة، وحتى لو صح النقل عن أحدهم فليس في ديننا معصومون إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الذين قد ترد عنهم أفعال تخالف في ظاهرها الشرع كذبح سيدنا إبراهيم لابنه عليهما السلام، فهي تصرفات تأتي بأمر الله جل جلاله وعم نواله وليست من اجتهادهم، قال عز وجل: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} النجم 3-4، فالتسليم المطلق للمرشد الحق يكون ضمن إطار الشرع الشريف لأنه من المعلوم (أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
والله سبحانه وتعالى أعلم.