03/01/2012
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
ذكر ابن كثير في البداية و النهاية عندما تكلم على التتار الذين دخلوا في الإسلام وهم ما زالوا يتحاكمون إلى الياسق الذي وضعه جنكيز خان أن: (من ترك الشرع المحكم المنزل على محمد صلي الله عليه وسلم وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر. فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه. من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين) فهل ينطبق هذا على الحكام والقضاة الذين يحكمون بالقانون الوضعي؟
الاسم: شريف شعبان محمد
 
 
الرد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
في مستهل جوابي على سؤالك أوصيك وأوصي جميع الإخوة بضرورة توقير والترحم على علماء الأمة رحمهم الله تعالى وجزاهم خيراً عند ذكرهم، ومنهم الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى.
وبالنسبة لسؤالك أقول: إن الأحكام الوضعية تنقسم إلى قسمين، منها ما يستند إلى الشرع الإسلامي ويندرج تحت تخويله لأولي الأمر، كالقوانين التي تنظم عمل الناس وعلاقتهم بالسلطات، وكذلك العقوبات التعزيرية في المخالفات التي لا حدود فيها، وأما القسم الآخر والذي ذُكر في كلام الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى والذي أوردته في سؤالك فالمقصود فيه التشريع الذي ينشئه الإنسان دون الاستناد إلى الشرع الإسلامي الحنيف، بل في كثير من الأحيان ينافيه منافاة بيّنة، ومن يباشر بهذا التشريع أو يؤمن به ويدافع عنه أو من يعمل به مختاراً فلا شك أنه يُشاقق ويحادّ ما شرع الله تعالى وأمر به، ويدخل حينئذ في دائرة الكفر والعياذ بالله تعالى، قال ربنا جل جلاله وعم نواله: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} النساء 115، وقال عز وجل: {…وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} المائدة 45، وقال سبحانه كذلك: {…وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} المائدة 47.
والله سبحانه وتعالى أعلم.